السبت، 11 يوليو 2015

        اضطرابات الانتباه و صعوبات التعلم :


تنتشر صعوبات التعلم بين الأطفال الذين يعانون من اضطراب الانتباه، حيث أن معظمها قد يرجع إلى إما لعدم قدرتهم على القراءة الشاملة للمادة المقروءة، أو أنهم يعانون من اضطرابات اللغة، وتتحدد العلاقة بين اضطراب اللغة وصعوبات التعلم لدى الأطفال الذين يعانون الذين يعانون من اضطراب الانتباه، وقد أوضحت نتائج الدراسة أن اضطراب اللغة ترتبط بعلاقة موجبة مع صعوبات التعلم لدى هؤلاء الأطفال، حيث أن اضطراب اللغة يجعلهم يعجزون عن تقديم الاستجابة الصحيحة، فضلاً عن ذلك فإن اضطراب الحديث لديهم تجعلهم يقفزون من موضوع إلى آخر غير قادرون على تقديم الاستجابة الصحيحة في صورة منطقية متسلسلة (السيد على، فائقة بدر،1999).
وقد لعبت العلاقة الوثيقة بين اضطرابات الانتباه وصعوبات التعلم دوراً مهما في تنشيط وتفعيل حركة البحث العلمي في هذا المجال، اعتمادا على الاعتقاد السائد بأن اضطرابات الانتباه تقف كأسباب رئيسية خلف صعوبات التعلم، وقد تمايزت البحوث في استكشاف هذه القضية في محورين يتناولان نمطي مهام الانتباه هما :
- مهام الانتباه الانتقائي       - ومهام الانتباه طويل المدى

         الانتباه الانتقائي :

يعرف الانتباه الانتقائي بأنه " القدرة على الاحتفاظ أو الاستمرار في الانتباه إلى موضوع الانتباه في ظل وجود العديد من المشتتات".
وفى هذا الإطار أجريت دراسات عدة اعتمدت مهام الانتباه الانتقائي، حيث تم اختيار مجموعتين من الأطفال إحداهما تمثل ذوى صعوبات التعلم، والأخرى تمثل العاديين من غير ذوى صعوبات التعلم وعرضت على المجموعتين مجموعة من المثيرات (صور لحيوانات) تمثل المثيرات المحورية أو موضوع الانتباه الانتقائي على خلفية تمثل مثيرات عارضة.
وقد قيل للمفحوصين في كل تجربه أن تركز على المثير المحوري موضوع الانتباه الانتقائي، ولم يطلب أي شيء بالنسبة للمثيرات العارضة، وكان مؤدى الافتراض التي تقوم عليه هذه الدراسة أن الأطفال ذوى القدرة العالية على الانتباه الانتقائي سيركزون على الفقرات أو المثيرات المحورية موضوع الانتباه، في حين يقوم الأطفال ذوى القدرة أو المهارة المنخفضة على الانتباه الانتقائي، بالانتباه لكل من المثيرات المحورية وكذا المثيرات العارضة معاً.


  •  وقد طلب من أفراد المجموعتين كتابه ما يتذكرون عقب عرض قائمة من الفقرات، كل منها يحتوى على مثير مركزي يمثل موضوع الانتباه مع مثيرات  عارضة تمثل خلفية لهذا المثير.
         وقد كشفت النتائج أن الأطفال العاديين احتفظوا بعدد أكبر من المثيرات المركزية، عندما قورنوا بأقرانهم من ذوى صعوبات التعلم، على حين كان احتفاظ ذوى صعوبات التعلم بالمثيرات العارضة أكبر من أقرانهم العاديين.
         وقد قادت تلك النتائج إلى تقرير أو استنتاج أن ذوى صعوبات التعلم لديهم قصور واضح في الانتباه الانتقائي

         الانتباه طويل المدى : 

             يقصد بالانتباه طويل المدى أو الممتد لفترة مستمرة أو طويلة أن يظل الانتباه للشيء موضوع الانتباه لفترة من الزمن"

         والواقع أن مفهوم الانتباه طويل المدى أو استمرارية الانتباه لفترة، هو تعبير غير دقيق حيث أن هذه الفترة غير محددة، ومن ثم يخضع لاجتهادات الباحثين، على الرغم من أن معظم الدراسات التي قامت على الأطفال اعتمدت ألا تقل الفترات الزمنية للمحاولات عن عشر دقائق، بمعنى أن يظل الطفل في أدائه على المهمة لمدة لا تقل عن عشر دقائق، مع تعرضه لمثيرات تقطع هذه الاستمرارية، كان تظهر أو تقدم بعض المثيرات السمعية أو البصرية خلال ممارسة الأداء أو متابعه الانتباه طويل المدى إذا كان بمقدوره أن يكبح ميله للاستجابة للمثيرات المصاحبة أو التي تقطع أمد الانتباه.
         وقد أظهرت الدراسات في مجملها التي تناولت مهام الانتباه طويلة الأمد أن الأطفال ذوى صعوبات التعلم ليس لديهم قصور في أداء مهام الانتباه طويل المدى، وعلى النقيض من ذلك أظهر ذوى اضطرابات الانتباه المصحوبة بفرط النشاط الكثير من الأخطاء على مهام قياس الانتباه طويل المدى.
         وتأخذ صعوبات التعلم موقعاً مركزياً بين صعوبات التعلم المختلفة، مما حذا بالكثير من العاملين في مجال التربية الخاصة إلى أن يعتبروا صعوبات الانتباه تقف خلف كثير من أنماط صعوبات التعلم الأخرى، مثل صعوبات القراءة، والفهم القرائي، والصعوبات المتعلقة بالذاكرة، والصعوبات المتعلقة بالحساب، والرياضيات، بالإضافة لصعوبات التآزر الحركي، والصعوبات الإدراكية بشكل عام (فتحي الزيات، 1998).

      ومن الجدير بالذكر أن هناك ثلاث أسباب على الأقل تعد مدعاة للتداخل الكبير بين صعوبات التعلم واضطرابات الانتباه المصحوبة بالنشاط الحركي المفرط تتمثل في:

         1. أن صعوبة التعلم تسبق مشكلات الانتباه حيث قد تصدر عن التلاميذ سلوكيات تدل على قصور الانتباه بسبب ما ينتابهم من إحباط على أثر ما يتعرضون له ويخبرونه من فشل متكرر.
         2. أن مشكلات الانتباه قد تسبق صعوبة التعلم حيث قد يؤدى قصور الانتباه إلى الفشل  في التعليم الاكاديمى مما يكون سبباً في تدنى مستوى الأداء الدراسي.
         3. أن مشكلات الانتباه وصعوبات التعلم قد تظهران كحالتين منفصلتين ومستقلتين عن بعضهما البعض ولكنهما تتزامنان مع بعضهم.
         علاوة على ذلك فإن هناك خصائص أخرى شبيهه بما تم تحديدها على أنها قصور في الانتباه مصحوب بنشاط زائد وهى:
         - أن العديد من هؤلاء الأطفال يعانون من  تلف بسيط في الدماغ.
         - أن العديد منهم ذوو مستوى ذكاء عادى.
         - أن النسبة الأكبر من الحالات يعدون من البنين مقارنه بالبنات.
         - أن هناك أساسا وراثياً مشتركاً.

ومن الصعوبات الأكاديمية والنمائية التي تظهر لدى ذوى اضطرابات الانتباه ما يلى :

أولاً: الصعوبات اللغوية ..

في دراسة قام بها رابنرو وآخرون حول الصعوبات التعليمية التي يمر بها الطلاب في المرحلة الابتدائية، حيث كانت الدراسة تقوم على متابعة التغيرات الأكاديمية لمجموعة من الأطفال الذين كانوا يعانون من مشكلات في الانتباه بمرحلة رياض الأطفال تمت متابعتهم لخمسة سنوات لاحقة، وقد ظهرت مشكلات أكاديمية واضحة لدى الأطفال خاصة في التحصيل القرائي، حيث كان أدائهم منخفضاً في هذا الجانب مما يشير إلى أن مشكلات الانتباه قد تكون مؤشراً لحدوث صعوبات القراءة لاحقاً لدى لأطفال في حال ما أهملت متابعتها.

ثانياً: صعوبات الرياضيات

يعانى الطلاب ذوى اضطرابات الانتباه من صعوبات تعلم أكاديمية في المواد الأكاديمية المختلفة، وإن أكثرها شيوعاً هي صعوبات الرياضيات ومن المشكلات الشائعة في الرياضيات لدى هؤلاء الأطفال ما يلى:
- المشكلات المرتبطة باستيعاب مفاهيم الرياضيات.
- استيعاب الحقائق الأساسية لاستكمال حل المشكلات في الوقت المناسب.
- استخدام الاستراتيجيات المناسبة.
- مشكلات في إجراء العمليات الحسابية المختلفة.
         وقد أشارت العديد من الدراسات إلى أن الطلاب ذوى صعوبات التعلم المصحوبة باضطرابات الانتباه يبدون أداء أفضل عندما تنظم المهام الرياضية لتتناسب مع المستوى الأكاديمي الفردي، وعندما تقدم لهم تغذية راجعة مستمرة حول أدائهم، كذلك عندما تكون نتائج أدائهم ظاهرة ومرتبطة بعملهم، في حين يتم استخدام إجراءات مناسبة لتقديم دروس الرياضيات لهم كاستخدام القصص والأساليب المثيرة، فإن ذلك يشد أنتباة الأطفال ويعمل على تحسين أدائهم الأكاديمي

 ثالثاً: الصعوبات النمائية ..

ومن الصعوبات النمائية التي يعانى منها الأطفال ذوى صعوبات الانتباه المصحوبة باضطرابات الانتباه مع فرط النشاط ما يلي:

1- عدم القدرة على التحكم في الذات Self-Control.

ويؤكد نموذج باركلى على أن أهم الخصائص الأساسية المميزة للأطفال ذوى صعوبات التعلم المصحوبة باضطرابات الانتباه مع فرط النشاط عدم القدرة على التحكم في الذات، وتكون مصاحبة لصعوبة الانتباه، حيث يرى باركلى أنة أثناء مرحلة نمو الطفل، فإن التأثير والتحكم بسلوك الطفل يتحول تدريجياً من المصادر الخارجية إلى ان يصبح وبشكل متزايد محصنا بقوانين ومعايير داخلية، وهو ما يقصد به التحكم الذاتى :
فعلى سبيل المثال : الطفل الصغير تكون لدية قدرات محدودة للتحكم بسلوكه الأندفاعى فمن الشائع أن الأطفال الصغار يفعلوا عادة ما يخطر على بالهم، وأن لم يفعلوا فيكون ذلك على الأغلب نتاج موانع محيطة بهم، كأن يلقى الطفل بالألعاب على الأرض حين يغضب ويمتنع عند وجود أشخاص محيطين به يشكلون مصدرا للتهديد.


ويرى باركلى أن الأطفال الذي يعانون من اضطرابات الانتباه غالبا ما يعانون من ضعف التحكم في الذات كناتج لخلل في الوظائف والعمليات الأساسية ومنها:

         2- الذاكرة العاملة:
يعانى الطفل ذوى صعوبات التعلم المصحوبة بنشاط زائد من نقص واضح في كفاءة وسعه الذاكرة العاملة، التي تؤثر بدورها على كفاءة الأداء اليومى والتفاعل مع الآخرين وأداء المهام الأكاديمية المختلفة.
         3- الحديث مع الذات:
يعانى الطفل ذوى صعوبات التعلم المصحوبة باضطرابات في النشاط من عدم القدرة على الحديث الداخلي الموجة نحو قيادة السلوك والأفعال وحل المشكلات، حيث ان تلك القدرة تتطور وتنمو في وقت متأخر من مراحل النمو.
         4- قيمة الوقت:
كما يعانى كذلك الطفل ذوى الصعوبة في التعلم المصحوبة باضطراب الانتباه من عدم القدر على تقدير الوقت المناسب لأداء المهام المختلفة، والزمن ألازم للانتقال من مهمة إلى أخرى.
         5- توجهات الأهداف :
 كذلك يتسم الأطفال ذوى اضطرابات الانتباه بأنهم ذوى توجه هدف قائم على الأداء أى أن الدرجة تمثل لديهم هدف وقيمة في حد ذاتها، فهم لا يتعلمون من أجل التعلم واكتساب المعلومات والمفاهيم الجديدة أو إتقان المادة الدراسية، كما أنهم لا يحبون المهام الصعبة التي تتطلب مزيدا من الوقت والجهد لتنفيذها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق